ج ٢٦، ص : ١١
بكم أيها المكذبون، أ ترمون بحجارة من السماء أم تخسف بكم الأرض ؟ كل هذا علمه عند ربى.
وفى صحيح البخاري وغيره من حديث أمّ العلاء أنها قالت :« لما مات عثمان ابن مظعون رضى اللّه عنه، قلت : رحمة اللّه عليك يا أبا السائب، لقد أكرمك اللّه تعالى، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم : وما يدريك أن اللّه أكرمه ؟ أمّا هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإنى لأرجو له الخير، واللّه ما أدرى - وأنا رسول اللّه - ما يفعل بي ولا بكم، قالت أمّ العلاء فو اللّه ما أزكى بعده أبدا ».
وفى رواية الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس « أنه لما مات قالت امرأته أو امرأة : هنيئا لك ابن مظعون الجنة، فنظر إليها رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم نظر مغضب وقال : وما يدريك ؟ واللّه إنى لرسول اللّه، وما أدرى ما يفعل اللّه بي، فقالت :
يا رسول اللّه صاحبك وفارسك وأنت أعلم، فقال : أرجو له رحمة ربه تعالى وأخاف عليه ذنبه ».
ومن هذا يعلم أن ما ينسب إلى بعض الأولياء من العلم بشئون الغيب، فهو فرية على اللّه ورسوله، وكفى بما سلف ردّا عليهم.
ثم أكد ما سلف وقرره بقوله :
(إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ) أي ما أتبع إلا القرآن، ولا أبتدع شيئا من عندى.
ثم زاد الأمر توكيدا فقال :
(وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي وما أنا إلا نذير، أنذركم عقاب اللّه، وأخوّفكم عذابه، وآتيكم بالشواهد الواضحة على صدق رسالتى، ولست أقدر على شىء من الأعمال الخارجة عن قدرة البشر.