ج ٢٦، ص : ١٣٨
قال ابن عباس فى الآية : نهى اللّه المؤمن أن يظن بالمؤمن سوءا اه.
ثم لما أمرهم سبحانه باجتناب كثير من الظن نهاهم عن التجسس فقال :
(وَلا تَجَسَّسُوا) أي ولا يتتبع بعضكم عورة بعض، ولا يبحث عن سرائره يبتغى بذلك الظهور على عيوبه، ولكن اقنعوا بما ظهر لكم من أمره، وبه فاحمدوا أو ذموا، لا على ما تعلمون من الخفايا.
فى الصحيحين عن أبى هريرة أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تجسسوا ولا تحسسوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا وكونوا عباد اللّه إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام »
التجسس : البحث عما يكتم عنك، والتحسس : طلب الأخبار والبحث عنها، والتناجش :
البيع على بيع غيرك (الزيادة عليه) والتدابر : الهجر والقطيعة.
وعن أبى برزة الأسلمى قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم « يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإن من اتبع عوراتهم يتبع اللّه عورته، ومن يتبع اللّه عورته يفضحه فى عقر بيته ».
وروى الطبراني عن حارثة بن النعمان رضى اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم « ثلاث لازمات لأمتى : الطّيرة والحسد وسوء الظن، فقال رجل وما يذهبهن يا رسول اللّه ممن هن فيه ؟ قال صلّى اللّه عليه وسلم : إذا حسدت فاستغفر اللّه، وإذا ظننت فلا تحقّق، وإذا تطيرت فامض ».
وقال عبد الرحمن بن عوف : حرست ليلة مع عمر بن الخطاب بالمدينة، إذ تبين لنا سراج فى بيت بابه مجاف على قوم لهم أصوات مرتفعة ولغط، فقال عمر : هذا بيت ربيعة بن أمية بن خلف وهم الآن شرب، فما ترى ؟ قلت : أرى أنا قد أتينا ما نهى اللّه عنه، قال تعالى :« وَلا تَجَسَّسُوا » وقد تجسسنا، فانصرف عمر وتركهم.


الصفحة التالية
Icon