ج ٢٦، ص : ١٤٣
الإيضاح
(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى ) أي إنا أنشأناكم جميعا من آدم وحواء، فكيف يسخر بعضكم من بعض، ويلمز بعضكم بعضا وأنتم إخوة فى النسب، وبعيد أن يعيب الأخ أخاه أو يلمزه أو ينبزه.
وعن أبى مليكة قال : لما كان يوم فتح مكة رقى بلال فأذّن على ظهر الكعبة فقال عتّاب بن أسيد بن أبى العيص : الحمد للّه الذي قبض أبى حتى لا يرى هذا اليوم. وقال الحارث بن هشام : ما وجد محمد غير هذا الغراب الأسود مؤذنا، وقال سهيل بن عمرو :
إن يرد اللّه شيئا يغيره، فأتى جبريل النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وأخبره بما قالوا، فدعاهم وسألهم عما قالوا فأقروا، فأنزل اللّه الآية زجرا لهم عن التفاخر بالأنساب والتكاثر بالأموال والازدراء بالفقراء، وبين أن الفضل بالتقوى.
وروى الطبري قال :« خطب رسول اللّه بمنى فى وسط أيام التشريق وهو على بعير فقال :
يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد، وإن أباكم واحد، ألا لا فضل لعربى على عجمى، ولا لعجمى على عربى، ولا لأسود على أحمر، ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى ألا هل بلغت ؟ قالوا نعم، قال : فليبلغ الشاهد الغائب »
.
وعن أبى مالك الأشعري قال : قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم :« إن اللّه لا ينظر إلى أحسابكم ولا إلى أنسابكم ولا إلى أجسامكم ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم، فمن كان له قلب صالح تحنن اللّه عليه، وإنما أنتم بنو آدم، وأحبكم إليه أتقاكم ».
(وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) أي للتعارف لا للتناكر، واللمز والسخرية والغيبة تفضى إلى ذلك.


الصفحة التالية
Icon