ج ٢٦، ص : ١٤٨
(وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فلا يخفى عليه مثقال ذرة فيهما.
وفى هذا تجهيل وتوبيخ لهم لا يخفى أمره (وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) فاحذروا أن تقولوا خلاف ما يعلم من ضمائر صدوركم فتنالكم عقوبته، إذ لا يخفى عليه شىء.
(يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا) أي يعدّون إسلامهم ومتابعتهم لك ونصرتهم إياك منّة يطلبون منك أجرها، فقد قالوا جئناك بالأثقال والعيال ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان.
ثم أمر اللّه سبحانه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم بما يقوله لهم عند المنّ عليه بما يدّعونه من الإسلام فقال :
(قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ) أي لا تعدوا إسلامكم الذي سميتموه إيمانا منة علىّ، فإن الإسلام هو المنة التي لا يطلب موليها ثوابا لمن أنعم بها عليه، ومن ثم قال :
(بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) أي بل اللّه هو الذي يمن عليكم، إذ أمدكم بتوفيقه وهدايته للإيمان إن كنتم صادقين فى إيمانكم.
وفى هذا إيماء إلى أنهم كاذبون فى ادعائهم الإيمان.
روى أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم قال للأنصار يوم حنين « يا معشر الأنصار، أ لم آتكم ضلّالا فهداكم اللّه ؟ وعالة فأغناكم اللّه ؟ وأعداء فألف اللّه بين قلوبكم ؟ قالوا بلى، اللّه ورسوله أمنّ وأفضل ».
والخلاصة - إن اللّه تعالى سمى ما كان منهم إسلاما وخضوعا لا إيمانا إظهارا لكذبهم فى قولهم آمنا، ثم لما منّوا على رسول اللّه بما كان منهم قال سبحانه لرسوله :
أيعتدّون عليك بما ليس جديرا أن يعتد به من إسلامهم الذي سموه إيمانا وليس بذاك ؟
بل اللّه هو الذي يعتد عليهم إيمانهم إن صدقوا، فهو قد أمدّهم بهديه وتوفيقه. ثم أعاد الإخبار بعلمه بجميع الكائنات، وبصره بأعمال المخلوقات فقال :