ج ٢٦، ص : ١٥٤
ويصير بلحا ثم رطبا ثم تمرا، ونضيد : أي منضود بعضه فوق بعض، الخروج : أي من القبور.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر أنهم استبعدوا البعث فقالوا رجع بعيد - أردف ذلك الدليل الذي يدحض كلامهم، فإن من خلق السماء وزينها بالكواكب، وبسط الأرض وجعل فيها رواسى وأنبت فيها صنوف النبات، وجعل ذلك تذكرة وتبصرة لأولى الألباب، ونزل من السماء ماء فأنبت به ناضر الجنان، والزرع المختلف الأصناف والألوان، والنخل الباسق ذا الطلع المتراكم بعضه فوق بعض رزقا لعباده، وأحيا به الأرض الموات - أفلا يستطيع من هذا شأنه أن يخرج الناس من قبورهم بعد بلاهم، وبعد أن يصيروا عظاما ورفاتا، وينشئهم خلقا آخر فى حياة أخرى وعالم غير هذا العالم ؟
الإيضاح
(أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ) أي أ فلم ينظر هؤلاء المكذبون بالبعث بعد الموت، المنكرون قدرتنا على إحيائهم بعد البلى - إلى السماء فوقهم كيف رفعناها بلا عمد، وزيناها بالكواكب ومالها من فتوق، فهى ملساء متلاصقة الطباق، وهذا هو الرأى الحديث فى عالم السموات، إذ يقولون : إن هناك عالما لطيفا أرق من الهواء وألطف من كل ما نراه وهو مبدأ كل شىء وأول كل شىء وهو العالم المسمى بالأثير، وهذا العالم وإن لم يره الناس فقد عرفوه من وصول أضواء الكواكب إلينا، فإن من الكواكب ما لا يصل ضوءه إلينا إلا فيما يزيد على ألف ألف سنة، ونور الشمس (التي تبعد عنا مقدار سير القطار إليها لو أمكن فى نحو خمس ستين وثلاثمائة سنة) يصل إلينا فى مدة ثمان دقاق وثمانى عشرة ثانية.