ج ٢٦، ص : ٦١
الإيضاح
(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً ؟ ) أي ومن الناس منافقون يستمعون فلا يعون ما تقول، ولا يفهمون ما تتلو عليهم من كتاب ربك، تغافلا عما تدعو إليه من الإيمان، حتى إذا خرجوا من عندك قالوا لمن حضر مجلسك من أهل العلم بكتاب اللّه : ماذا قال محمد قبل أن نفارق مجلسه ؟.
وما مقصدهم من ذلك إلا السخرية والاستهزاء بما يقول، وأنه مما لا ينبغى أن يؤبه به، أو يلقى لمثله سمع.
روى مقاتل أن النبي صلّى اللّه عليه وسلّم كان يخطب ويعيب المنافقين، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد اللّه ابن مسعود، استهزاء : ماذا قال محمد آنفا ؟ قال ابن عباس :
وقد سئلت فيمن سئل.
ثم بين سبب استهزائهم وتهاونهم بما سمعوا فقال :
(أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) أي هؤلاء الذين هذه صفتهم - هم الذين ختم اللّه على قلوبهم، فلا يهتدون للحق الذي بعث اللّه به رسوله صلى اللّه عليه وسلم، واتبعوا شهواتهم وما دعتهم إليه أنفسهم، فلا يرجعون إلى حجة ولا برهان.
ثم ذكر سبحانه أضداد هؤلاء بقوله :
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ
ثم بيّن أنهم فى غفلة عن النظر والتأمل فى عاقبة أمرهم فقال :
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها) أي إنه بعد أن قامت الأدلة على وحدانية اللّه وصدق نبوّة رسوله وأن البعث حق، وأن اللّه يهلك