ج ٢٦، ص : ٥
من علوم الأولين، وكيف خطر على بالكم أن تعبدوها وهى لا تستجيب لكم دعاء إلى يوم القيامة وهى غافلة عنكم، وفى الدار الآخرة تكون لكم أعداء وتجحد عبادتكم لها.
الإيضاح
(حم) الكلام فى مثلها قد تقدم من قبل.
(تَنْزِيلُ الْكِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) اعلم أنّ نظم أول هذه السور كنظم أول سورة الجاثية وقد تقدم إيضاحه وتفسيره.
(ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) أي ما خلقناهما إلا خلقا ملتبسا بالعدل، وبتقدير أجل مسمى لكل مخلوق، إليه ينتهى بقاؤه فى هذه الحياة الدنيا، وهذا يستدعى أن يكون خلقه لحكمة وغاية، وأن يكون هناك يوم معلوم للحساب والجزاء، لئلا يتساوى من أحسن فى الدار الأولى ومن أساء فيها، ومن أطاع ربه واتبع أوامره ونواهيه، ومن دسّى نفسه، وركب رأسه، واتبع شيطانه وهواه، وسلك سبل الغواية فلم يترك منها طريقا إلا سلكه، ولا بابا إلا ولجه.
ثم بين غفلة المشركين وإعراضهم عما أنذروا به فقال :
(وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) أي مع ما نصبنا من الأدلة، وأرسلنا من الرسل، وأنزلنا من الكتب - بقي هؤلاء الكفار معرضين عنه، غير ملتفتين إليه، فلا هم بما أنزلنا من الكتب اتعظوا، ولا بما شاهدوا من أدلة الكون اعتبروا، وأنّى لهم ذلك ؟ فهم صم بكم عمى لا يعقلون.
وبعد أن أثبت لنفسه الألوهية، وأنه رحيم عادل، وأثبت البعث والجزاء يوم القيامة، ردّ على عبدة الأصنام فقال :
(قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّماواتِ) أي قل لهم أيها الرسول : أخبرونى عن حال آلهتكم بعد التأمل فى خلق