ج ٢٦، ص : ٧٤
وقد أسلموا وجاءوا إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وقالوا : قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلينا، منّا بذلك عليه، فنهاهم عن ذلك وبين لهم أن هذا مما يبطل أعمالهم، ثم أعقب هذا ببيان أن من كفروا وصدوا عن السبيل القويم ثم ماتوا وهم على هذه الحال فلن يغفر اللّه لهم، ثم أرشد إلى أن عمل الكافرين الذي له صورة الحسنات محبط وأن ذنبهم غير مغفور، وبعدئذ أردف هذا أن اللّه خاذلهم فى الدنيا والآخرة فلا تبالوا بهم، ولا تظهروا ضعفا أمامهم، فإن اللّه ناصركم، ولن يضيع أعمالكم.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئاً وَسَيُحْبِطُ أَعْمالَهُمْ) أي إن الذين جحدوا توحيد اللّه، وصدوا الناس عن دينه الذي بعث به رسوله، وخالفوا هذا الرسول وحاربوه وآذوه من بعد أن استبان لهم بالأدلة الواضحة، والبراهين الساطعة أنه مرسل من عند ربه - لن يضروا اللّه شيئا، لأن اللّه بالغ أمره، وناصر رسوله، ومظهره على من عاداه وخالفه، وسيبطل مكايدهم التي نصبوها، لإبطال دينه ومشاقة رسوله، ولا يصلون بها إلى ما كانوا يبغون له من الغوائل، وستكون ثمرتها إما قتلهم أو جلاءهم عن أوطانهم.
والمراد بصد الناس عن سبيل اللّه، منعهم إياهم عن الإسلام بشتى الوسائل، وعن متابعة الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم والانضواء تحت لوائه.
ثم أمر سبحانه عباده المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم فقال :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ) أي يا أيها الذين صدقوا بوحدانية اللّه وقدرته وسائر صفات كماله، وصدقوا رسوله فيما جاء على لسانه من الشرائع - أطيعوا اللّه وأطيعوا الرسول فى اتباع أوامرهما والانتهاء عن نواهيهما.