ج ٢٦، ص : ٩٥
ثم بين قدرته على ذلك وأنه يفعل ما يشاء لا رادّ لحكمه، ولا معقّب لقضائه فقال :
(وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ) أي وللّه السلطان والتصرف فى السموات والأرض، فلا يقدر أحد أن يدفعه عما أراد بكم من تعذيب على نفاقكم إن أصررتم عليه، أو منعه من العفو عنكم إن أنتم تبتم من نفاقكم وكفركم.
وهذا حسم لأطماعهم فى استغفاره صلّى اللّه عليه وسلّم لهم وهم على هذه الحال.
ثم أطمعهم فى مغفرته وعفوه إن تابوا وأنابوا إليه فقال :
(وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً) أي وكان اللّه كثير المغفرة والرحمة، يختص من يشاء بمغفرته ورحمته دون من عداهم من الكافرين فهم بمعزل عن ذلك.
وفى الآية حثّ لهؤلاء المتخلفين عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم على التوبة والمراجعة إلى أمر اللّه فى طاعة رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم وطلب المبادرة بها، فإن اللّه يغفر للتائبين ويرحمهم إذا أنابوا إليه، وأخلصوا العمل له.
[سورة الفتح (٤٨) : آية ١٥]
سَيَقُولُ الْمُخَلَّفُونَ إِذَا انْطَلَقْتُمْ إِلى مَغانِمَ لِتَأْخُذُوها ذَرُونا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ قُلْ لَنْ تَتَّبِعُونا كَذلِكُمْ قالَ اللَّهُ مِنْ قَبْلُ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنا بَلْ كانُوا لا يَفْقَهُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (١٥)
تفسير المفردات
المراد بالمغانم : مغانم خيبر، فإنه عليه الصلاة والسلام رجع من الحديبية فى ذى الحجة من سنة خمس وأقام بالمدينة بقيتها وأوائل المحرم، ثم غزا خيبر بمن شهد الحديبية