ج ٢٧، ص : ١٠٦
(٦) أنه رفع السماء وأقامها بالحكمة والنظام.
(٧) أنه أوجد الأرض وما فيها من نخل وفاكهة وحب ذى عصف وريحان.
الإيضاح
(الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) أي اللّه سبحانه علم محمدا صلى اللّه عليه وسلم القرآن، ومحمد علمه أمته.
وهذه الآية نزلت جوابا لأهل مكة حين قالوا :« إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ ».
ولما كانت هذه السورة لتعديد نعمه التي أنعم بها على عباده - قدّم النعمة التي هى أجلّها قدرا وأكثرها نفعا، وأتمها فائدة، وهى نعمة تعليم القرآن الكريم، فباتباعه تكون سعادة الدارين، وبالسير على نهجه تنال الرغائب فيهما وهو سنام الكتب السماوية، وقد نزل على خير البرية.
ثم امتنّ بعد هذه النعم بنعمة الخلق التي هى مناط كل الأمور ومرجع جميع الأشياء فقال :
(خَلَقَ الْإِنْسانَ عَلَّمَهُ الْبَيانَ) أي خلق هذا الجنس وعلمه التعبير عما يختلج بخاطره ويدور بخلده، ولو لا ذلك ما علم محمد القرآن لأمته.
ولما كان الإنسان مدنيا بطبعه لا يعيش إلا مجتمعا بسواه - كان لا بد له من لغة يتفاهم بها مع سواه من أبناء جنسه ويكتب إليه فى الأقطار النائية، والبلاد النازحة، ويحفظ علوم السلف، لينتفع بها الخلف، ويزيد فيها اللاحق، على ما فعل السابق.
وهذه منة روحية كبرى لا تعدلها منة أخرى فى هذه الحياة، ومن ثم قدمها على النعم الأخرى الآتية.
وقد بدأ أوّلا بما يتعلّم وهو القرآن الذي به السعادة، ثم ثنى بالتعلم، ثم ثلث بطريق التعلم وكيفيته، ثم انتقل إلى ذكر الأجرام العلوية التي ينتفع بها الناس فى معاشهم فقال :