ج ٢٧، ص : ١١٣
قدرته، أو بحاجز من الأجرام الأرضية، فترى نهر النيل بمصر يخرج من جبال الحبشة، ويجرى شمالا ختى يصب فى البحر الأبيض المتوسط، ولا يبغى أحدهما على الآخر.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ ؟ ) أي فبأى هذه المنافع تكذبان ؟ إذ لو بغى الملح على العذب لم نجد ماء للشرب ولا لسقى الحيوان والنبات ولم نجد ما نقتات به فنهلك جوعا، ولو بغى العذب على الملح لم نجد ما يصلح الهواء ويمنع عاديات الجراثيم التي فيه.
(يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجانُ) وقد ثبت فى الكشف الحديث أن اللؤلؤ كما يستخرج من البحر الملح يستخرج من البحر العذب، وكذلك المرجان وإن كان الغالب أنه لا يستخرج إلا من الماء الملح.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأى هذه النعم تكذبان ؟
(وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ) أي وله السفن الكبار التي رفعت شرعها فى الهواء كالجبال الشاهفة، تجرى فى البحر بما ينفع الناس، فتنقل المتاجر من بلد إلى آخر، والأقوات من إقليم هى كثيرة فيه إلى آخر هو محروم منها، وبذا يتمّ تبادل السلع، وسدّ حاجات الأمم فى أقواتها ومشاربها.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي فبأى هذه النعم تكذبان - أ بخلق موادّ السفن أم بكيفية تركيبها، أم بإجرائها فى البحر بأسباب لا يقدر عليها غيره سبحانه.
أي عبادى، هل ظننتم أن مجرد الإيمان كاف لكم فى شكر هذه النعم، فهل خلقت الشمس والقمر والنجم والشجر والزرع والحب، والأنهار والبحار، والدّر والمرجان لقوم لا يعقلون، أو خلقتها لقوم يقبلون منى النعمة، وكيف يقبلونها دون أن يعرفوها ؟
(٨ - مراغى - السابع والعشرون)