ج ٢٧، ص : ١٤٦
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ ؟ ) أي أخبرونى عما قذفتم به فى الأرحام من النطف : ء أنتم تقدرونه بشرا سويا تام الخلق أم اللّه الخالق لذلك ؟.
ولا شك أنهم لا يجدون إلا جوابا واحدا لا ثانى له.
والخلاصة - أخبرونى أيها المنكرون قدرة اللّه على إحيائكم بعد مماتكم - عن النطف التي تمنون فى أرحام نسائكم، ء أنتم تخلقونها أم نحن الخالقون لها ؟.
(نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ عَلى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ) أي نحن قسمنا الموت بينكم، ووقتنا موت كل واحد بميقات معيّن لا يعدوه بحسب ما اقتضته مشيئتنا المبنية على الحكم البالغة، وما نحن بعاجزين عن أن نذهبكم ونأتى بأشباهكم من الخلق، وننشئكم فيما لا تعلمون من الأطوار والأحوال التي لا تعهدونها.
والخلاصة - نحن قدرنا بينكم الموت لأن نبدل منكم أمثالكم بعد مهلككم، ونجىء بآخرين من جنسكم، فنجن نميت طائفة ونبدلها بطائفة أخرى قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل.
ثم ذكر دليلا آخر على البعث فقال :
(وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولى فَلَوْ لا تَذَكَّرُونَ) أي لقد علمتم أن اللّه أنشأكم بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا، فخلقكم وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة، فهلا تتذكرون وتعرفون أن الذي قدر على هذه النشأة وهى البداية قادر على النشأة الأخرى وهى الإعادة بطريق الأولى كما قال :« وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ » وقال :« أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً ؟ أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى ؟ ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى. فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى. أَلَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى ؟ ».
وفى الحديث « عجبا كل العجب للمكذب بالنشأة الأخرى وهو يرى النشأة الأولى وعجبا للمصدق بالنشأة الآخرة وهو يسعى لدار الغرور ».


الصفحة التالية
Icon