ج ٢٧، ص : ١٥٠
مساقط النجوم، إنه لكتاب كريم لا يمسه إلا المطهرون، وأنه نزل من لدن حضرة القدس على يد جبريل عليه السلام، فكيف تتهاونون فى اتباع أوامره، والانتهاء عن نواهيه، وتجعلون شكركم على هذا تكذيبكم بنعم اللّه وجزيل فضله عليكم ؟.
الإيضاح
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) أي أقسم بمساقط النجوم ومغاربها، وإنما خص القسم بهذه الحال، لما فى غروبها من زوال أثرها، والدلالة على وجود مؤثر دائم، ومن ثم استدل إبراهيم عليه السلام بالأفول على وجود الإله جلت قدرته.
وقد أقسم سبحانه بكثير من مخلوقاته العظيمة، دلالة على عظم مبدعها، فأقسم بالشمس والقمر، والليل والنهار، ويوم القيامة، والتين والزيتون، كما أقسم بالأمكنة فأقسم بطور سينين ومكة المكرمة.
ويرى أبو مسلم الأصفهانى وشرذمة من المفسرين : أنّ لا ليست مزيدة والكلام على ظاهره المتبادر منه، والمعنى : لا أقسم بهذه : إذ الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم ما، فضلا عن هذا القسم العظيم.
(وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ) أي وإن هذا القسم عظيم لو تعلمون ذلك.
وفى هذا تفخيم للمقسم به، لما فيه من الدلالة على عظيم القدرة، وكمال الحكمة، وفرط الرحمة، ومن مقتضيات رحمته، ألا يترك عباده سدى.
ثم ذكر سبحانه المقسم عليه فقال :
(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) أي إن هذا القرآن جم المنافع، كثير الفوائد، فقد اشتمل على ما فيه صلاح البشر فى دنياهم وآخرتهم.
قال الأزهرى : الكريم اسم جامع لما يحمد، والقرآن كريم يحمد، لما فيه من الهدى والبينات، والعلم والحكمة، فالفقيه يستدل به ويأخذ منه، والحكيم يستمد منه