ج ٢٧، ص : ١٦٤
« انتهيت إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو يقول :« أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ » يقول ابن آدم مالى مالى، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت، أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت ؟ وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس » رواه مسلم.
ثم حث على ما تقدم من الإيمان والإنفاق فى سبيل اللّه فقال :
(فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) أي فالذين آمنوا باللّه وصدقوا رسوله منكم، وأنفقوا مما خوّلهم اللّه عمن قبلهم - فى سبيل اللّه، لهم الثواب العظيم عند ربهم، وهناك يرون من الكرامة والمثوبة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
ثم وبخهم على ترك الإيمان الذي أمروا به، وأبان أنه ليس لهم فى ذلك من عذر فقال :
(وَما لَكُمْ لا تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ لِتُؤْمِنُوا بِرَبِّكُمْ ؟ ) أي وأىّ شىء يمنعكم من الإيمان، والرسول بين أظهركم يدعوكم إلى ذلك، ويبين لكم الحجج والبراهين على صحة ما جاءكم به ؟.
روى البخاري « أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال يوما لأصحابه : أىّ المؤمنين أعجب إليكم إيمانا ؟ قالوا الملائكة، قال : وما لهم لا يؤمنون وهم عند ربهم، قالوا فالأنبياء، قال : وما لهم لا يؤمنون والوحى ينزل عليهم، قالوا فنحن : قال : وما لكم لا تؤمنون وأنا بين أظهركم ؟ ولكن أعجب المؤمنين إيمانا قوم يجيئون بعدكم يجدون صحفا يؤمنون بما فيها ».
(وَقَدْ أَخَذَ مِيثاقَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) أي وقد أخذ اللّه عليكم الميثاق بما نصب لكم من الأدلة على وحدانيته فى الكون، أرضه وسمائه، برّه وبحره، وفى الأنفس بما تشاهدون فيها من بديع صنعها، وعظيم خلقها، إن كنتم تؤمنون بالدليل العقلي والنقلى وصفوة القول : إن الأدلة تظاهرت على وجوب الإيمان باللّه ورسوله، فقد نصب