ج ٢٧، ص : ٣٨
ثم أمر سبحانه رسوله صلّى اللّه عليه وسلّم أن يتركهم وشأنهم فقال :
(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) أي فدعهم وشأنهم، ولا تكترث بهم حتى يأتى اليوم الذي يجازون فيه بسيئات أعمالهم وهو يوم بدر، قاله البقاعي وهو الظاهر فى الآية.
(يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي وفى هذا اليوم لا تنفعهم الحيل التي دبروها لمناصبته صلّى اللّه عليه وسلّم العداء، ولا يجدون لهم نصيرا ولا معينا يدفع عنهم ما يحيق بهم من العذاب.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ) أي وإن لهؤلاء الذين ظلموا أنفسهم بالكفر والمعاصي عذابا بالقحط والجوع سبع سنين قبل يوم بدر لأنه كان فى السنة الثانية للهجرة والقحط وقع لهم قبلها.
(وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) ما سيصيرون إليه من عذاب اللّه، وما أعده لهم فى الدنيا والآخرة، وإنا سنبتليهم بالمصائب، لعلهم يرجعون وينيبون إلينا.
ونحو الآية قوله :« وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ».
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا) أي واصبر على أذاهم ولا تبال بهم، وامض لأمر اللّه ونهيه، وبلّغ ما أرسلت به، فإنك بمرأى منا نراك ونرى أعمالك، ونحوطك ونحفظك، فلا يصل إليك منهم أذى.
(وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ) أي ونزّه ربك عما لا يليق به لإنعامه عليك، واعبده بالتلاوة والصلاة حين تقوم من مجلسك، قال عطاء وسعيد وسفيان الثوري وأبو الأحوص : يسبح اللّه حين يقوم من مجلسه فيقول : سبحان اللّه وبحمده أو سبحانك اللهم وبحمدك عند قيامه من كل مجلس يجلسه.
وعن أبى برزة الأسلمى قال :« كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بآخر عمره إذا قام