ج ٢٧، ص : ٤٣
ومنه الدوالي وهى الثمر المعلق كعناقيد العنب، والقاب مقدار ما بين المقبض والسّية، ولكل قوس قابان، والعرب تقدر الأطوال بالقوس والرمح وبالذراع والباع والخطوة والشبر والإصبع، أو أدنى : أي أقرب من ذلك، والمراد بالفؤاد فؤاد محمد صلّى اللّه عليه وسلم، ما رأى أي ما رآه ببصره، أ فتمارونه على ما يرى : أي أ فتجادلونه على ما يراه معاينة، نزلة أخرى : أي مرة أخرى، سدرة المنتهى : هى شجرة نبق قالوا إنها فى السماء السابعة عن يمين العرش، جنة المأوى : أي الجنة التي يأوى إليها المتقون يوم القيامة، يغشى : يغطى، ما زاغ البصر : أي ما عدل عن رؤية العجائب التي أمر برؤيتها ومسكّن منها وما مال يمينا ولا شمالا، وما طغى : أي ما جاوز ما أمر به، آيات ربه الكبرى : أي عجائبه الملكية والملكوتية فى ليلة المعراج.
المعنى الجملي
أقسم ربنا بخلق من مخلوقاته العظيمة التي لا يعلم حقيقتها إلا هو، وهى نجوم السماء التي تهدى الساري فى الفلوات، وترشده إلى البعيد من المسافات - إن محمدا صاحبكم نبىّ حقا، وما ضلّ عن طريق الرشاد، ولا اتبع الباطل، ولا يتكلم إلا بوحي يوحيه اللّه إليه، ويعلمه إياه جبريل شديد القوى، ولقد رآه مرتين على صورته التي خلقه اللّه عليها بأجنحته وأوصافه الملكية : مرة بغار حراء فى بدء النبوة، وأخرى ليلة المعراج حين عرج به إلى السماء، ورأى من عجائب صنع اللّه ما رأى، مما استطاع أن يخبركم به، ومما لم يستطع ذلك، فكيف بكم تجادلونه فيما أخبركم به، وتقولون طورا : إنه مجنون، وطورا آخر إنه كاهن، وطورا ثالثا إنه شاعر، وما كل هذا بالذي ينطبق على أوصافه، وهو صاحبكم وأنتم أعلم بحاله، فحق عليكم أن تسمعوا قوله، وأن تطيعوا أمره، فتفوزوا رضوان من ربه.


الصفحة التالية
Icon