ج ٢٧، ص : ٤٥
وإن شمسنا التي تزيد على أرضنا ألف ألف مرة وثلاثمائة ألف مرة هى كوكب له توابع وسيارات، وهذا الكواكب وتوابعه واحد من ثلاثين ألف مليون شمس، وهذه كلها تكوّن مجرتنا، وهذه المجرة لها نظائر، فسبحان الخلاق العليم الذي لا يعلم جنوده إلا هو.
والخلاصة - إن الرسول صلّى اللّه عليه وسلّم راشد مرشد تابع للحق، ليس بضالّ ولا هو بسالك للطريق بغير علم، ولا هو بغاو يعدل عن الحق قصدا إلى غيره، وبهذا نزه اللّه رسوله وشرعه عن مشايعة أهل الضلال من اليهود والنصارى الذين يعلمون الحق ويعملون بخلافه، فهو فى غاية الاستقامة والاعتدال والسّداد.
ثم بين السبب فى عدم ضلاله وغوايته فقال :
(وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى ) أي كيف يضل ويغوى، وهو لا ينطق عن الهوى، وإنما يضل من كان كذلك، يرشد إلى ذلك قوله تعالى :« وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ».
ثم أكد هذا بقوله :
(إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى ) أي إنما يقول ما أمر أن يبلغه إلى الناس كاملا موفورا بلا زيادة ولا نقصان.
روى أحمد عن عبد اللّه بن عمرو قال :« كنت أكتب كل شىء أسمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أريد حفظه، فنهتنى قريش فقالوا : إنك تكتب كل شىء تسمعه من رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم، ورسول اللّه بشر يتكلم فى الغضب، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقال : اكتب فو الذي نفسى بيده ما خرج منى إلا الحق ».
وعن أبى هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال :« لا أقول إلا حقا » قال بعض أصحابه فإنك تداعبنا يا رسول اللّه، قال :« إنى لا أقول إلا حقا ».
ويرى بعض المفسرين أن قوله : ما ضل صاحبكم - ردّ لقولهم : إنه مجنون،