ج ٢٧، ص : ٥٩
الإيضاح
(وَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) أي إن ما فى السموات وما فى الأرض تحت قبضته وسلطانه، وله التصرف فيه خلقا وملكا وتدبيرا، فهو العليم به لا تخفى عليه خافية من أمره، فلا تظنوا أنه يهمل أمركم، كلا، فإنه مجاز كل نفس بما كسبت من خير أو شر، وهذا ما عناه سبحانه بقوله :
(لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى) أي فهو يجازى بحسب علمه المحيط بكل شى ء - المحسن بالإحسان ويدخله جنات تجرى من تحتها الأنهار، ويمتعه بنعيم لا يخطر على قلب بشر، والمسيء بصنيع ما أساء، وبما دسّى به نفسه من ضروب الشرك والمعاصي، وبما ران على قلبه من كبائر الذنوب والآثام، وقد أضله اللّه على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة.
ثم ذكر أوصاف المحسنين فقال :
(الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) أي إن المحسنين هم الذين يبتعدون عما عظم شأنه من كبائر المعاصي كالشرك باللّه وقتل النفس التي حرم اللّه بغير حق والزنا، ولا تقع منهم إلا صغائرها، فيتوبون إلى ربهم ويندمون على ما فرط منهم.
ونحو الآية قوله :« إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً ».
والمشهور أن الكبائر سبع وروى ذلك عن علىّ كرم اللّه وجهه واستدلوا عليه بما
روى فى الصحيحين « اجتنبوا السبع الموبقات : الإشراك باللّه تعالى والسحر وقتل النفس التي حرم اللّه إلا بالحق وأكل مال اليتيم وأكل الربا والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات ».