ج ٢٧، ص : ٧٦
وسيستقر أمرك، وسينصرك اللّه عليهم نصرا مؤزّرا، ثم أعقب هذا بأن عبر الماضين وإهلاك اللّه لهم بعد تكذيبهم أنبياءهم كانت جدّ كافية لهم لو أن لهم عقولا يفكرون بها فيما هم قادمون عليه، ولكن أنّى تغنى الآيات والنذر عن قوم قد أضلهم اللّه على علم وختم على قلوبهم وجعل على سمعهم وبصرهم غشاوة ؟. ثم أمر رسوله بالإعراض عنهم وسيخرجون من قبورهم أذلاء ناكسى الرءوس مسرعين إلى إجابة الداعي، يقول الكافرون منهم هذا يوم شديد حسابه، عسر عقابه.
الإيضاح
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) أي دنت الساعة التي تقوم فيها القيامة، وقرب انتهاء الدنيا وهذا كقوله :« أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ » وقوله :« اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ».
(وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) أي وسينشق القمر وينفصل بعضه من بعض حين يختل نظام هذا العالم وتبدل الأرض غير الأرض، ونحو هذا قوله :« إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ » وقوله :
« إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ. وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ » وكثير غيرهما من الآيات الدالة على الأحداث الكبرى التي تكون حين خراب هذا العالم وقرب قيام الساعة.
ويرى جمع من المفسرين أن هذا حدث قد حصل، وأن القمر صار فرقتين على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قبل الهجرة بنحو خمس سنين،
فقد صح من رواية الشيخين وابن جرير عن أنس أن أهل مكة سألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم أن يريهم آية فأراهم القمر شقتين حتى رأوا حراء (جبل بمكة) بينهما،
وفى الصحيحين وغيرهما من حديث ابن مسعود :« انشق القمر على عهد رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم فرقتين، فرقة على الجبل وفرقة دونه، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم اشهدوا ».