ج ٢٨، ص : ١٣
الإيضاح
(أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ)
« روى أن اليهود كانوا إذا مر بهم أحد من أصحاب النبي صلى اللّه عليه وسلم جلسوا يتناجون فيما بينهم حتى يظن المؤمن أنهم يتناجون بقتله أو بما يكره، حتى إذا رأى ذلك خشيهم، فترك طريقهم، فنهاهم النبي صلى اللّه عليه وسلم عن ذلك فلم ينتهوا وعادوا إلى النجوى فأنزل اللّه الآية ».
ثم بيّن ما به يتناجون فقال :
(وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ) أي وهم يتحدثون فيما بينهم بما هو إثم فى نفسه ووباله عليهم، وبما هو تعدّ على المؤمنين، وتواص بمخالفة الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه.
ثم ذكر جرما آخر يقع منهم فقال :
(وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ)
روى البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة « أن ناسا من اليهود دخلوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالوا : السام عليك يا أبا القاسم، فقال عليه السلام : وعليكم، قالت عائشة : وقلت : عليكم السام ولعنكم اللّه وغضب عليكم ؟ فقال عليه الصلاة والسلام : يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش، فقلت : ألا تسمعهم يقولون السام ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :
أو ما سمعت ما أقول : وعليكم ؟ فأنزل اللّه تعالى (وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ) الآية »
.
(وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْ لا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ) أي يفعلون هذا ويقولون ما يحرفون من الكلام وإبهام السلام وهم يريدون شتمه، ويحدّثون أنفسهم أنه لو كان نبيّا حقا لعذبنا اللّه بما نقول، لأن اللّه يعلم ما نسره، فلو كان نبيا حقا لعاجلنا بالعقوبة فى الدنيا فردّ اللّه عليهم بقوله :
(حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ) أي وإن جهنم وما فيها من العذاب الأليم لكافية لعقابهم ونكالهم، وقد أجّل عذابهم إلى هذا اليوم.


الصفحة التالية
Icon