ج ٢٨، ص : ١٣١
(فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) أي ابذلوا فى تقواه جهدكم وطاقتكم،
قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم :« إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه ».
ونحو هذا ما جاء فى قوله :« اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ » (وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا) أي كونوا منقادين لما يأمركم اللّه ورسوله به، ولا تحيدوا عنه يمنة ولا يسرة، ولا ترتكبوا ما نهيتم عنه.
(وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ) أي وابذلوا مما رزقكم اللّه على الفقراء والمساكين وذوى الحاجات، وفى الوجوه التي يكون فيها صلاح الأمة والملة، وسعادة الدين والدنيا، وذلك خير لأنفسكم من الأموال والأولاد وهذا حثّ على البذل، وبيان أن الامتثال خير لا محالة.
ثم زاد فى الحث على الإنفاق فقال :
(وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) أي ومن يبتعد عن البخل والحرص على المال - يكن من الفائزين بكل ما يرجو، ونيل كل ما يبغى فى دينه ودنياه، فيكون محببا إلى الناس، قرير العين برضاهم عنه وحنوّهم عليه، سعيدا فى الآخرة بالقرب من ربه ومحبته ورضوانه ودخول جناته.
ثم بالغ فى الحث على الإنفاق أيضا فقال :
(إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ) أي إن تنفقوا فى طاعة اللّه متقرّبين إليه بإخلاص وطيب نفس - يضاعف لكم ذلك، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، ويستر لكم ما فرط من زلاتكم
جاء فى الصحيحين :« إن اللّه يقول :
من يقرض غير ظلوم ولا عديم » ؟
وعن أبى هريرة قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم « يقول اللّه : استقرضت عبدى فأبى أن يقرضنى، ويشتمنى عبدى وهو لا يدرى، يقول وا دهراه وا دهراه » وأنا الدهر ثم تلا أبو هريرة هذه الآية » أخرجه ابن جرير والحاكم وصححه.