ج ٢٨، ص : ٢٦
وحزب اللّه مفلح لا محالة وقد كتبت له السعادة فى الدارين كما قال :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ ».
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ) أي إن الذين يخالفون أوامر اللّه ونواهيه، ويمتنعون عن أداء ما فرض عليهم من فرائضه، هم فى جملة أهل الذلة، لأن الغلبة للّه ولرسوله، وذلهم فى الدنيا يكون بالقتل والأسر والإخراج من الديار كما حصل للمشركين واليهود، وفى الآخرة بالخزي والنكال والعذاب الأليم كما قال سبحانه :« رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ ».
وفى هذا بشارة للمؤمنين بأنه سيظهرهم على عدوهم ويكتب لهم الفوز ويكونون هم الأعزاء وسواهم الأذلاء.
ثم أكد ما سلف بقوله :
(كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي) أي قضى اللّه وحكم فى أم الكتاب بأن الغلبة بالحجة والسيف وما يجرى مجراهما تكون للّه ورسله، فقد أهلك كثيرا من أعدائهم بأنواع من العذاب كقوم نوح وقوم صالح وقوم لوط وغيرهم (والحرب بين نبينا وبين المشركين، وإن كانت سجالا كانت العاقبة فيها له عليه الصلاة والسلام) ثم تكون لأتباعه من بعده ما داموا على سننه، محافظين على الحدود التي أمروا بها، وجاهدوا عدوهم جهادا خالصا للّه على نحو جهاد الرسل، لا لطلب ملك وسلطان، ولا لطلب دنيا ومال.
وعن مقاتل قال : لما فتح اللّه تعالى مكة للمؤمنين والطائف وخيبر وما حولها، قالوا نرجو أن يظهرنا اللّه على فارس والروم، فقال عبد اللّه بن أبىّ رأس المنافقين :
أتظنون أن فارس والروم كبعض القرى التي غلبتم عليها ؟ واللّه إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظنوا فيهم ذلك فنزلت :« كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي ».