ج ٢٨، ص : ٣٢
أي جمعهم وإخراجهم من جزيرة العرب ونفيهم إلى بلاد الشام، وآخر حشر : إجلاء عمر إياهم من خيبر إلى الشام، والحصون : واحدها حصن وهو القصر الشاهق والقلعة المشيدة، مانعتهم حصونهم من اللّه : أي مانعتهم من بأسه وعقابه، فأتاهم اللّه : أي جاءهم عذابه، من حيث لم يحتسبوا : أي من حيث لم يخطر لهم ببال، وقذف الشيء :
رميه بقوة، والمراد هنا إثباته وركزه فى قلوبهم، والرعب : الخوف الذي يملأ الصدر يخربون : أي يهدمون، فاعتبروا : أي فاتعظوا، والاعتبار : النظر فى حقائق الأشياء وجهات دلالتها، ليعرف بالنظر فيها شىء آخر من جنسها، وأجليت القوم عن منازلهم : أي أخرجتهم منها، وجلوا : خرجوا، وقد فرقوا بين الإجلاء والإخراج من وجهين : أن الأول لا يكون إلا لجماعة، والثاني : يكون لواحد ولجماعة، وأن الأول ما كان مع الأهل والولد والثاني يكون مع بقائهما، واللينة : النخلة ما لم تكن عجوة.
المعنى الجملي
علمت مما سلف أن اليهود نقضوا عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وظاهروا المشركين اتكالا على مساعدة المنافقين لهم ومناعة حصونهم، فتهيأ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وسار لقتالهم، فلما علموا بقدومه حصنوا الأزقة فحاصرهم عليه الصلاة والسلام عدة أيام وألقى اللّه الرعب فى قلوبهم، فطلبوا الصلح فأبى إلا الجلاء وأخرجهم من حصونهم بعد تخريبها بأيديهم وأيدى المؤمنين، ولو لا جلاؤهم لعذبهم فى الدنيا بالقتل والأسر، ولهم فى الآخرة عذاب شديد، وما كان ذلك إلا بإذن اللّه وتقديره للأمور وفقالحكمة والمصلحة.
الإيضاح
(سَبَّحَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) أي إن جميع ما فى السموات والأرض من الأشياء يقدسه سبحانه ويمجده، إما باللسان أو بالقلب أو بدلالة الحال لانقياده لتصريفه له كيف شاء لا معقّب لحكمه.