ج ٢٨، ص : ٣٦
ثم ذكر أن كل شىء بقضاء اللّه وقدره فقال :
(ما قَطَعْتُمْ مِنْ لِينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوها قائِمَةً عَلى أُصُولِها فَبِإِذْنِ اللَّهِ) أي أىّ شىء قطعتموه من النخل أو أبقيتموه كما كان ولم تتعرضوا له بشىء فذلك بأمر اللّه الذي بلّغه إليكم رسوله لتطهر البلاد من شرورهم.
روى أنه عليه الصلاة والسلام حين أمر بقطع نخلهم وحرقه قالوا : يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد فى الأرض، فما بال قطع النخل وتحريقها، وكان فى أنفس المؤمنين من ذلك شىء فقالوا لنسألنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، هل لنا فيما قطعنا من أجر ؟ وهل علينا فيما تركنا من وزر ؟ فأنزل اللّه الآية :
(وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ) أي فعل ذلك ليعزّ المؤمنين، وليخزى الفاسقين، ويذلهم ويزيد غيظهم، ويضاعف حسرتهم، بنفاذ حكم أعدائهم فى أعزّ أموالهم.
والخلاصة - إنكم بأمر اللّه قطعتم، ولم يكن ذلك فسادا بل نعمة من اللّه، ليخزيهم ويذلهم بسبب فسقهم وخروجهم من طاعة اللّه ومخالفة أمره ونهيه.
[سورة الحشر (٥٩) : الآيات ٦ الى ٧]
وَما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَما أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكابٍ وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) ما أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٧)