ج ٢٨، ص : ٤٩
(لَئِنْ أُخْرِجُوا لا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ، وَلَئِنْ قُوتِلُوا لا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ) أي لئن أخرج بنو النضير من ديارهم فأجلوا عنها لا يخرج معهم المنافقون الذين وعدوهم بالخروج من ديارهم، ولئن قاتلهم محمد صلى اللّه عليه وسلم لا ينصرونهم، ولئن نصروهم ليولّن الأدبار منهزمين عن محمد وأصحابه، هاربين منهم خاذلين لهم، ثم لا ينصر اللّه بنى النضير.
وهذا إخبار بالغيب، ودليل من دلائل النبوة، ووجه من وجوه الإعجاز، فإنه قد كان الأمر كما أخبر اللّه قبل وقوعه.
والخلاصة - إن بنى النضير أخرجوا فلم يخرج معهم المنافقون، وقوتلوا فما نصروهم، ولو كانوا قد نصروهم لتركوا النصرة وانهزموا وتركوا أولئك اليهود فى أيدى الأعداء.
ثم ذكر السبب فى عدم نصرتهم لليهود والدخول مع المؤمنين فى قتال فقال :
(لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ) أي إنهم يخافونكم أشد مما يخافون اللّه، ومن ثمّ لم يجرءوا على الدخول معكم فى قتال، وأسلموا اليهود يحكم عليهم الرسول بما يشاء.
ثم ذكر سبب الرهبة لهم من دون اللّه فقال :
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) أي وكانت هذه الرهبة لكم فى صدورهم أشد من رهبتهم للّه من أجل أنهم لا يفقهون قدر عظمته تعالى، فهم لذلك يستخفّون بمعاصيه ولا يرهبون عقابه قدر رهبتهم لكم.
ونحو الآية قوله :« إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ».
ثم أكد جبن اليهود والمنافقين وشديد خوفهم منهم فقال :
(لا يُقاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) أي إن هؤلاء اليهود