ج ٢٨، ص : ٥
المعنى الجملي
روى أن هذه الآيات الأربع نزلت فى خولة بنت ثعلبة وزوجها أوس بن الصامت ومن حديث ذلك :« أن أوسا كان شيخا كبيرا قد ساء خلقه، فدخل على خولة يوما فراجعته بشىء فغضب، فقال لها : أنت علىّ كظهر أمي (وكان الرجل فى الجاهلية إذا قال ذلك لامرأته حرمت عليه) وكان هذا أول ظهار فى الإسلام، فندم لساعته، فدعاها (طلب ملامستها) فأبت، وقالت : والذي نفسى بيده لاتصل إلىّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم اللّه ورسوله، فأتت الرسول صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه إن أوسا تزوجنى وأنا شابة مرغوب فىّ، فلما خلا سنى ونثرت بطني (كثر ولدي) جعلنى عليه كأمه إلى غير أحد، فإن كنت تجد لى رخصة تنعشنى بها وإياه فحدثنى بها، فقال عليه الصلاة والسلام : واللّه ما أمرت فى شأنك بشىء حتى الآن، وفى رواية ما أراك إلا قد حرمت، قالت : ما ذكر طلاقا، وجادلت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مرارا ثم قالت : اللهم إنى أشكو إليك شدة وحدتي، وما يشق علىّ من فراقه، وفى رواية أنها قالت : أشكو إلى اللّه فاقتى وشدة حالى، وإن لى صبية صغارا إن ضممتهم إليه ضاعوا، وإن ضممتهم إلىّ جاعوا، وجعلت ترفع رأسها إلى السماء وتقول :
اللهم إنى أشكو إليك، اللهم فأنزل على لسان نبيك، وما برحت حتى نزل القرآن فيها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : يا خولة أبشرى، قالت خيرا فقرأ عليها « قَدْ سَمِعَ اللَّهُ » الآيات.
روى البخاري فى تاريخه أنها استوقفت عمر يوما فوقف، فأغلظت له القول، فقال رجل يا أمير المؤمنين ما رأيت كاليوم، فقال رضى اللّه عنه، وما يمنعنى أن أستمع إليها وهى التي استمع اللّه لها، فأنزل فيها ما أنزل « قَدْ سَمِعَ اللَّهُ » الآيات.
والشارع اعتبر الظهار يمينا وأوجب فيها الكفارة عند إرادة الملامسة بأحد أمور ثلاثة على الترتيب الآتي :