ج ٢٨، ص : ٦٢
أن أصطنع إليهم يدا يحمون بها قرابتى، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن دينى، فصدّقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقبل عذره، فقال عمر : دعنى يا رسول اللّه أضرب عنق هذا المنافق، فقال صلى اللّه عليه وسلم : إنه شهد بدرا، وما يدريك لعل اللّه اطلع على أهل بدر فقال : افعلوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فنزلت :« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ » الآية.
الإيضاح
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِياءَ) أي لا تجعلوا الكفار أنصارا وأعوانا لكم.
ثم فسر هذه الموالاة فقال :
(تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ) أي تبلغونهم أخبار الرسول صلى اللّه عليه وسلم التي لا ينبغى لأعدائه أن يطلعوا عليها من خطط حربية، أو أعمال نافعة فى نشر دينه وبثّ دعوته. بسبب ما بينكم وبينهم من مودة.
ثم ذكر أن مما يمنع هذا الاتخاذ أمرين :
(١) (وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ) أي وقد كفروا باللّه ورسوله وكتابه الذي أنزله عليكم! فكيف بكم بعد هذا تجعلونهم أنصارا وتسرّون إليهم بما ينفعهم ويضر رسولكم، ويعوق نشر دينكم.
(٢) (يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ) أي يخرجون الرسول وأصحابه من بين أظهرهم كراهة لما هم عليه من التوحيد وإخلاص العبادة للّه وحده ولم يكن لهم جريرة ولا جرم سوى ذلك.
ونحو الآية قوله :« وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » وقوله « الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ».


الصفحة التالية
Icon