ج ٢٨، ص : ٦٩
ومقاطعتهم، وكان ذلك عزيزا على نفوسهم، ويتمنون أن يجدوا المخلص منه - أردف ذلك سبحانه بأنه سيغير من طباع المشركين، ويغرس فى قلوبهم محبة الإسلام، فيتمّ التوادّ والتصافي بينكم وبينهم.
وفى ذلك إزالة للوحشة من قلوب المؤمنين، وتطيب لقلوبهم، وقد أنجز اللّه وعده، فأتاح للمسلمين فتح مكة، فأسلم قومهم، وتم لهم ما كانوا يريدون من التحابّ والتوادّ، ثم رخص لهم فى صلة الذين لم يقاتلوهم من الكفار ولم يخرجوهم من ديارهم، ولم يظاهروا على إخراجهم.
روى أحمد فى جماعة آخرين عن عبد اللّه بن الزبير قال : قدمت قتيلة بنت عبد العزّى على ابنتها أسماء بنت أبى بكر بهدايا - صناب (صباغ يتخذ من الخردل والزبيب) وأقط وسمن وهى مشركة فأبت أسماء أن تقبل هديتها أو تدخل بيتها، حتى أرسلت إلى عائشة رضى اللّه عنها أن تسأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن هذا فسألت فأنزل اللّه « لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ » الآية، فأمرها أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها
وقال الحسن وأبو صالح : نزلت الآية فى خزاعة وبنى الحرث بن كعب وكنانة ومزينة وقبائل من العرب، كانوا صالحوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على ألا يقاتلوه ولا يعينوا عليه.
الإيضاح
(عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً، وَاللَّهُ قَدِيرٌ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أي لعل اللّه يجعل بينكم وبين أعدائكم من كفار مكة محبة بعد البغض، ومودة بعد النفرة، وألفة بعد الفرقة، واللّه قدير على ما يشاء، فيؤلف بين القلوب بعد العداوة، غفور لخطيئة من ألقى إليهم بالمودة إذا تابوا منها، رحيم بهم أن يعذبهم بعد التوبة.


الصفحة التالية
Icon