ج ٢٩، ص : ١٢١
«
صليت خلف ابن عباس فقرأ فى أول ركعة بالحمد للّه رب العالمين وأول آية من البقرة ثم ركع، فلما انصرفنا أقبل علينا فقال : إن اللّه يقول :« فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ »
أخرجه الدار قطنى والبيهقي فى سننه.
ثم ذكر أعذارا أخرى تسوّغ هذا التخفيف فقال :
(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى، وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) أي علم سبحانه أنه سيكون من هذه الأمة ذوو أعذار لا يستطيعون معها القيام بالليل كمرض وضرب فى الأرض ابتغاء الرزق من فضل اللّه، وغزو فى سبيل اللّه فهؤلاء إذا لم يناموا فى الليل تتوالى عليهم أسباب المشقة ويظهر عليهم آثار الجهد، وفى هذا إيماء إلى أنه لا فرق بين الجهاد فى قتال العدوّ والجهاد فى التجارة لنفع المسلمين.
قال ابن مسعود : أيّما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن الإسلام صابرا محتسبا، فباعه بسعر يومه، كان عند اللّه من الشهداء، ثم قرأ قوله تعالى :
« وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ، وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ».
وأخرج البيهقي فى شعب الإيمان عن عمر رضى اللّه عنه قال : ما من حال يأتينى عليه الموت بعد الجهاد فى سبيل اللّه أحب إلىّ من أن يأتينى، وأنا بين شعبتى جبل ألتمس من فضل اللّه، وتلا :« وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ».
ولما ذكر سبحانه ثلاثة أسباب مقتضية للترخيص ورفع وجوب القيام عن هذه الأمة - ذكر ما يفعلونه بعد هذا الترخيص فقال :
(فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ) أي من القرآن، والمراد صلّوا كما تقدم.
(وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً) أي وصلّوا الصلاة


الصفحة التالية
Icon