ج ٢٩، ص : ١٢٦
ولا عن غدرة، ثم قال : أما سمعت قول غيلان بن مسلمة الثقفي :
فإنى بحمد اللّه لا ثوب فاجر لبست ولا من غدرة أتقنّع
والعرب تقول عن الرجل إذا نكث العهد ولم يف به : إنه لدنس الثياب، وإذا وفى ولم يغدر، إنه لطاهر الثوب، قال السموأل بن عاديا اليهودي.
إذا المرء لم يدنس من اللؤم عرضه فكل رداء يرتديه جميل
ولا تزال هذه المعاني مستعملة فى ديار مصر وغيرها فيقولون : فلان طاهر الذيل، يريدون أنه لا يلامس أجنبية.
ويرى جمع من الأئمة أن المراد بطهارة الثياب : غسلها بالماء إن كانت نجسة، وروى هذا عن كثير من الصحابة والتابعين، وإليه ذهب الشافعي فأوجب غسل النجاسة من ثياب المصلى.
وقد استبان للمشتغلين بأصول التشريع وعلماء الاجتماع من الأوربيين أن أكثر الناس قذرا فى أجسامهم وثيابهم أكثرهم ذنوبا، وأطهرهم أبدانا وثيابا أبعدهم من الذنوب، ومن ثم أمروا المسجونين بكثرة الاستحمام ونظافة الثياب، فحسنت ؟ ؟ ؟، وخرجوا من السجون، وهم أقرب إلى الأخلاق الفاضلة منهم إلى الرذائل.
وقال الأستاذ (بتنام) فى كتابه أصول الشرائع : إن كثرة الطهارة فى دين الإسلام مما تدعو معتنقيه إلى رقىّ الأخلاق والفضيلة إذا قاموا باتباع أوامره خير قيام.
ومن هذا تعلم السر فى قوله :(وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ).
(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) أي اهجر المعاصي والآثام الموصلة إلى العذاب فى الدنيا والآخرة فإن النفس متى طهرت منها كانت مستعدة للإفاضة على غيرها، وأقبلت بإصغاء وشوق إلى سماع ما يقول الداعي.