ج ٢٩، ص : ١٥١
يثابر على تعلّم آيات اللّه وحفظها وتلقنها والنظر فيها وعرضها على من ينكرها، رجاء قبوله إياها، ليظهر بذلك تباين حال الفريقين : من يرغب فى تحصيل آيات اللّه، ومن يرغب عنها « وبضدها تتبين الأشياء » ثم عاد إلى ذكر السبب فى إنكار البعث وهو حبّ بنى آدم للعاجلة، وتركهم للآخرة، ثم ذكر ما يكون فى ذلك اليوم من استبشار المؤمنين وبسور المشركين وملاقاتهم للشدائد والأهوال، وظنهم أن ستتراكم عليهم الدواهي التي تكسر فقار ظهورهم.
الإيضاح
علّم اللّه رسوله كيف يتلقى الوحى من الملك، إذ كان يسابقه فى قراءته فأمره أن يستمع إليه إذا جاء وقد كفل له :(١) أن يحفظه له. (٢) أن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه. (٣) أن يبينه ويفسره له.
وقد أشار إلى الأول بقوله :
(لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ)
أي لا تحرك أيها الرسول الكريم بالقرءان لسانك وشفتيك، لتأخذه على عجلة مخافة أن يتفلّت منك، فإن علينا أن نجمعه لك حتى تثبته فى قلبك. وقد كان النبي صلى اللّه عليه وسلم إذا نزل عليه الوحى يحرك به لسانه وشفتيه، فيشتد عليه ويعرف ذلك فى تحريكه شفتيه حتى نزلت الآية، فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أتاه جبريل أطرق، فإذا ذهب قرأه كما أمره اللّه.
عن ابن جبير عن ابن عباس قال :« كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة بتحريك شفتيه، فقال لى ابن عباس : أنا أحركهما كما كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يحركهما، فحرك شفتيه، فأنزل اللّه عز وجل :« لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ »
رواه مسلم.