ج ٢٩، ص : ١٦٩
وعن البراء بن عازب قال : إن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قياما وقعودا ومضطجعين وعلى أي حال شاءوا.
وبعد أن وصف طعامهم ولباسهم ومسكنهم - وصف شرابهم وأوانيه فقال :
(وَيُطافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوابٍ كانَتْ قَوارِيرَا. قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوها تَقْدِيراً) أي يدير عليهم خدمهم كؤوس السراب والأكواب من الفضة.
وقد تكوّنت وهى جامعة لصفاء الزجاجة وشفيفها، وبياض الفضة ولينها، وقد قدّرها لهم السقاة الذين يطوفون عليهم للسقيا على قدر كفايتهم وريهم، وذلك ألذّ لهم وأخف عليهم، فهى ليست بالملأى التي تفيض، ولا بالناقصة التي تغيض.
والخلاصة - إن آنية أهل الجنة من فضة بيضاء فى صفاء الزجاج، فيرى ما فى باطنها من ظاهرها.
أخرج ابن أبى حاتم عن ابن عباس أنه قال :« ليس فى الجنة شىء إلا قد أعطيتم فى الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة ». ولا منافاة بين كون الأوانى من الفضة، وبين كونها من الذهب كما ذكر فى قوله :« يُطافُ عَلَيْهِمْ بِصِحافٍ مِنْ ذَهَبٍ » لأنهم تارة يسقون بهذه، وتارة يسقون بتلك.
وبعد أن وصف أوانى مشروبهم وصف المشروب نفسه فقال :
(وَيُسْقَوْنَ فِيها كَأْساً كانَ مِزاجُها زَنْجَبِيلًا) أي ويسقى الأبرار فى الجنة خمر ممزوجة بالزنجبيل، وقد كانوا يحبون ذلك ويستطيبونه، كما قال المسيّب بن علس يصف رضّاب امرأة :
وكأن طعم الزنجبيل به إذ ذقته بسلاقة الخمر
(عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا) أي ويسقون من عين فى الجنة غاية فى السلاسة وسهولة الانحدار فى الحلق، قال ابن الأعرابى : لم أسمع السلسبيل إلا فى القرآن، وكأن العين إنما سميت بذلك لسلاستها وسهولة مساغها اه، ومنه ق


الصفحة التالية
Icon