ج ٢٩، ص : ٢٣
ثم بين حالهم حين نزول ذلك الوعد الموعود فقال :
(فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَقِيلَ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَدَّعُونَ) أي فلما رأوا العذاب الموعود قريبا « وكل آت قريب وإن طال زمنه » ساءهم ذلك وعلت وجوههم الكآبة والخسران، وغشيتها القترة والسواد، إذ جاءهم من أمر اللّه ما لم يكونوا يحتسبون، ويقال لهم على سبيل التقريع والتوبيخ : هذا الذي كنتم تستعجلون وقوعه وتقولون لرسوله :« فَأْتِنا بِما تَعِدُنا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ ».
ونحو الآية قوله :« وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ. وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ ».
[سورة الملك (٦٧) : الآيات ٢٨ الى ٣٠]
قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨) قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)
شرح المفردات
أرأيتم : أي أخبرونى، غورا : أي غائرا فى الأرض لا تناله الدلاء، معين : أي جار سهل المأخذ تصل إليه الأيدى.
المعنى الجملي
روى أن كفار مكة كانوا يدعون على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك كما حكى اللّه عنهم فى آية أخرى بقوله :« أَمْ يَقُولُونَ شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ » وقوله :« بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى