ج ٢٩، ص : ٢٨
الإيضاح
(ن) تقدم أن قلنا غير مرة إن أرجح الآراء فى معنى الحروف المقطعة التي وقعت فى أوائل السور أنها حروف تنبيه نحو ألا، وأما.
(وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) أي أقسم بالقلم وما يكتب به من الكتب.
ثم ذكر المقسم عليه فقال :
(ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ) أي إنك لست بالمجنون كما يزعمون، فقد أنعم اللّه عليك بالنبوة وحصافة العقل وحسن الخلق.
ثم بين بعض نعمه عليه فقال :
(١) (وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ) أي وإن لك الأجر العظيم والثواب الجزيل الذي لا ينقطع على إبلاغك رسالة ربك إلى الخلق وصبرك على الأذى ومقاساة الشدائد.
(٢) (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فقد برأك اللّه على الحياء والكرم والشجاعة والصفح والحلم وكل خلق كريم.
روى الشيخان عن أنس خادم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال :« خدمت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عشر سنين فما قال لى أفّ قط ولا قال لشىء فعلته لم فعلته ؟ ولا لشىء لم أفعله ألّا فعلته ؟ ».
وروى أحمد عن عائشة قالت :« ما ضرب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيده خادما له قط، ولا ضرب امرأة، ولا ضرب بيده شيئا قط إلا أن يجاهد فى سبيل اللّه ولا خيّر بين شيئين قط إلا كان أحبّهما إليه أيسرهما حتى يكون إثما، فإذا كان إثما كان أبعد الناس من الإثم، ولا انتقم لنفسه من شىء يؤتى إليه إلا أن تنتهك حرمات اللّه ».