ج ٢٩، ص : ٧٩
الإيضاح
(إِنَّا أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ أَنْ أَنْذِرْ قَوْمَكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) أي إنا أرسلنا نوحا رسولا إلى قومه وقلنا له : أنذرهم بأس اللّه وعذابه، قبل أن يغرقهم الطوفان.
ثم أخبر بأنه لما أمره بذلك امتثل الأمر.
(قالَ يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي قال نوح لقومه : إنى أنذركم عذاب اللّه فاحذروا أن ينزل بكم على كفركم به.
ثم فصل ما أنذرهم به، فذكر ثلاثة أشياء :
(١) (أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ) أي آمركم بعبادة اللّه وحده، والأمر بذلك يتناول جميع الواجبات والمندوبات من أفعال القلوب وأفعال الجوارح.
(٢) (وَاتَّقُوهُ) أي وآمركم بتقواه وخوف عذابه، بأن تتركوا محارمه، وتحتنبوا مآثمه.
(٣) (وَأَطِيعُونِ) أي وانتهوا إلى ما آمركم به واقبلوا نصيحتى لكم.
ولما كلفهم بهذه الثلاثة الأشياء وعدهم عليها بشيئين :
(١) (يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ) أي إذا فعلتم ما أمركم به، وصدقتم ما أرسلت به إليكم - غفر لكم ذنوبكم وسامحكم فيما فرط منكم من الزلات.
وفى هذا وعد لهم بإزالة مضار الآخرة عنهم، وأمنهم من مخاوفها.
(٢) (وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) أي ويمدّ فى أعماركم إلى الأمد الأقصى الذي قدره اللّه إذا آمنوا وأطاعوا وراء ما قدره لهم، على تقدير بقائهم على الكفر والعصيان.
واستدل العلماء بهذه الآية على أن الطاعة والبر وصلة الرحم يزاد بها فى العمر