ج ٣، ص : ١٢١
المسلمون إلى سيرتهم الأولى في عهد النبي صلى اللّه عليه وسلم وخلفائه الراشدين، ومن تبعهم بإحسان.
(وَ مَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أي ومن يكفر بآيات اللّه الدالة على وجوب الاعتصام بالدين ووحدته وحرمة الاختلاف والتفرق فيه، ويترك الإذعان لها - فاللّه يجازيه ويعاقبه على ما اجترح من السيئات، واللّه سريع الحساب.
والمراد بآيات اللّه هنا هى آياته التكوينية في الأنفس والآفاق، ويدخل في ترك الإذعان لها صرفها عن وجهها لتوافق مذاهب أهل الزيغ والإلحاد وآياته التشريعية التي أنزلها على رسله.
(فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ) أي فإن جادلك أهل الكتاب أو غيرهم - وقد كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يدعو اليهود في المدينة إلى ترك ما أحدثوه فى دينهم وتعودوه من التحريف والتأويل والرجوع إلى حقيقة الدين وإسلام الوجه للّه والإخلاص له - بعد أن أقمت لهم البراهين والبينات، وجئتهم بالحق - فقل لهم :
أقبلت بعبادتي على ربى مخلصا له، معرضا عما سواه، أنا ومن اتبعنى من المؤمنين.
والخلاصة - إنه لا فائدة من الجدل مع مثل هؤلاء لأنه لا يكون إلا فيما فيه خفاء أما وقد قامت الأدلة، وبطلت شبهات الضالين فهو مكابرة وعناد، ولا يستحق منك إلا الإعراض وعدم إضاعة الوقت سدى.
(وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ؟ ) أي وقل لليهود والنصارى ومشركى العرب - وخص هؤلاء بالذكر مع أن البعثة عامة، لأنهم هم الذين خوطبوا أولا بالدعوة - أ أسلمتم كما أسلمت بعد أن وضحت لكم الحجة، وجاءكم من البينات ما يوجبه ويقتضيه، أم تصرّون على كفركم وعدم ترككم للعناد ؟
ومثل هذا مثل من يلخص مسألة لسائل، ولا يدع طريقا من طرق البيان إلا سلكه، ثم يقول له : أ فهمتها ؟