ج ٣، ص : ١٤٦
وبيان هذا أن اللّه اصطفى آدم وسخر له ما في الأرض من حيوان ونبات وجماد، واصطفى نوحا وجعله أبا البشر الثاني، واصطفى إبراهيم وآله على البشر، والعرب وأهل الكتاب يعرفون ذلك، والأولون يفخرون بأنهم من ولد إسماعيل وعلى ملة إبراهيم، والآخرون يفخرون باصطفاء آل عمران من بنى إسرائيل حفيد إبراهيم، وهؤلاء وأولئك يعلمون أنه اصطفى هؤلاء بمحض مشيئته تفضلا منه وإحسانا، وإذا فما الذي يمنع من أن يصطفى محمدا صلى اللّه عليه وسلم على العالمين كما اصطفى أولئك فاللّه يصطفى من خلقه من يشاء، وقد اصطفاه وجعله هاديا للناس مخرجا لهم من ظلمات الشرك والجهل إلى نور الحق واليقين، ولم يكن أثر غيره من آل إبراهيم وآل عمران في الهداية أظهر من أثره.
[سورة آل عمران (٣) : الآيات ٣٨ الى ٤١]
هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١)
تفسير المفردات
الذرية : الولد، وتقع على الواحد والكثير، والطيب : ما تستطاب أفعاله وأخلاقه، سميع الدعاء : أي مجيبه كما يقال : سمع اللّه لمن حمده، إذ من لم يجب فكأنه لم يسمع،


الصفحة التالية
Icon