ج ٣، ص : ١٩٧
الْخالِصُ، وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ »
الآية.
فتوسلهم بالأولياء جعله تعالى يقول إنهم اتخذوا من دونه أربابا،
ويقول صلى اللّه عليه وسلم « قال اللّه تعالى : أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك فيه معى غيرى تركته وشركه، وفي رواية : فأنا منه برىء، هو للذى عمله » رواه مسلم وغيره.
وقال صلى اللّه عليه وسلم :« إذا جمع اللّه الناس يوم القيامة نادى مناد : من أشرك في عمل عمله للّه أحدا فليطلب ثوابه من عند غير اللّه، فإن اللّه أغنى الشركاء عن الشرك » رواه أحمد.
(وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ) أي ولكن يأمرهم النبي الذي أوتى الكتاب والحكم بأن يكونوا منسوبين إلى الرب مباشرة من غير توسطه هو ولا التوسل بشخصه، وإنما يهديهم إلى الوسيلة الحقيقية الموصلة إلى ذلك وهى تعليم الكتاب ودراسته، فبعلم الكتاب وتعليمه والعمل به يكون الإنسان ربّانيا مرضيا عند اللّه، إذ العلم الذي لا يبعث على العمل لا يعد علما صحيحا، ومن ثم استغنى بذكره عن ذكر التصريح بالعمل.
(وَ لا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً) أي ما كان لبشر أن يستنبئه اللّه ثم يأمر الناس بعبادة نفسه، ويأمر باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا، ومثال ذلك أن تقول : ما كان لمحمد أن أكرمه، ثم يهيننى ويستخفّ بي، وقد نقل عن مشركى العرب عبادة الملائكة « وقالت اليهود عزير ابن اللّه، وقالت النصارى المسيح ابن اللّه » فجاء الإسلام فبين أن هذا مخالف لما جاء به الأنبياء من الأمر بعبادة اللّه وحده، وإخلاص الدين له والنهى عن عبادة غيره، ومن ثم قال :
(أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ؟ ) أي أ يأمركم بعبادة الملائكة والسجود


الصفحة التالية
Icon