ج ٣، ص : ٢٠١
(قالُوا أَقْرَرْنا، قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ) أي قالوا أقررنا بذلك، قال اللّه تعالى : ليشهد بعضكم على بعض وأنا معكم شاهد عليكم، لا يعزب عن على شىء.
وهذا الحوار لتثبيت المعنى وتوكيده على طريق التمثيل، وليست الآية نصا في أن هذه المحاورة، وقعت وهذه الأقوال قيلت وله نظائر كثيرة في الأساليب العربية.
(فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) أي فمن أعرض بعد أخذ الميثاق على هذه الوحدة، واتخذ الدين آلة للتفريق والعدوان، ولم يؤمن بالنبي المتأخر المصدق لمن تقدمه ولم ينصره، فأولئك الجاحدون هم الفاسقون، فأهل الكتاب الذين جحدوا نبوّة محمد صلى اللّه عليه وسلم، خارجون عن ميثاق اللّه ناقصون لعهده، وليسوا من الدين الحق في شىء.
وبعد أن بين أن دين اللّه واحد، وأن رسله متفقون فيه - ذكر حال منكرى نبوّة محمد صلى اللّه عليه وسلم فقال :
(أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) أي أ يتولون عن الحق بعد ما تبين ويبغون غير دين اللّه وهو الإسلام والإخلاص له في العبادة فى السر والعلن، وقد خضع للّه تعالى وانقاد لحكمه أهل السموات والأرض، ورضوا طائعين مختارين لما يحل بهم من تصاريف أقداره ؟
وصفوة القول - إن الدين الحق هو إسلام الوجه للّه تعالى والإخلاص له، وأن الأنبياء جميعا كانوا على ذلك، وقد أخذوا بذلك ميثاقهم على أممهم ولكنهم نقضوه إذ جاءهم النبي الموعود به يدعوهم إليه فكذبوه.
(وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أي وإليه يرجع من اتخذ غير الإسلام دينا من اليهود والنصارى وسائر الخلق، وحينئذ يجازون بإساءتهم وترك الدين الحق.
وفي هذا وعيد وتهديد لهم.


الصفحة التالية
Icon