ج ٣، ص : ٢٠٦
من غيرهم حسدوا العرب على ذلك فأنكروه وكفروا بعد إقرارهم حسدا للعرب حين بعث من غيرهم.
وقال عكرمة : هم أبو عامر الراهب والحارث بن سويد في اثنى عشر رجلا رجعوا عن الإسلام ولحقوا بقريش، ثم كتبوا إلى أهلهم : هل لنا من توبة ؟ فنزلت الآية فيهم، وأكثر الروايات على هذا.
الإيضاح
(كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ ؟ ) أي كيف يسلك اللّه بمثل هؤلاء سبيل المهتدين بإثابتهم والثناء عليهم، وقد كفروا بعد إيمانهم، وبعد أن شهدوا أن الرسول حق وجاءتهم الشواهد من القرآن وسائر المعجزات التي بمثلها تثبت النبوة ؟
وشهادتهم أن الرسول حق كانت بمعرفتهم بشارات الأنبياء بمحمد صلى اللّه عليه وسلم، وكانوا عازمين على اتباعه إذا جاء في زمنهم وانطبقت عليه العلامات وظهرت فيه البشارات، لكنهم بعد أن جاءهم بالبينات وظهرت الآيات على يديه كفروا به وعاندوه.
وفي الآية استبعاد لهدايتهم بحسب سنن اللّه تعالى في البشر، وإيئاس للنبى صلى اللّه عليه وسلم من إيمانهم، فمن سنن اللّه تعالى في هداية البشر إلى الحق أن يقيم لهم الدلائل والبينات مع إزالة الموانع من النظر فيها على الوجه الذي يؤدى إلى المطلوب، وقد مكن لهم اللّه من كل هذا من قبل، ومن ثم آمنوا به.
(وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) أي إن اللّه لا يهدى أمثال هؤلاء الظالمين لأنفسهم الجانين عليها لأنهم تنكّبوا عن الطريق القويم وتركوا هداية العقل بعد أن ظهر نور النبوة وعرفوه بالبينات.
(أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) أي هؤلاء


الصفحة التالية
Icon