ج ٣، ص : ٢٠٨
المعنى الجملي
الكافرون أصناف ثلاثة :
(١) الذين يتوبون توبة صحيحة مقبولة، وهم الذين ذكرهم اللّه في الآية السالفة التي ختمها بقوله :« إِلَّا الَّذِينَ تابُوا ».
(٢) الذين يتوبون توبة غير مقبولة، وهم المذكورون في قوله :« لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ».
(٣) الذين يموتون على الكفر من غير توبة وهم من ذكروا في الآية الأخيرة.
الإيضاح
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ) المراد بالذين كفروا هم أهل الكتاب الذين آمنوا برسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وشهدوا أنه حق قبل مبعثه، ثم كفروا به بعد البعث، ثم ازدادوا كفرا بالإصرار والعناد والصدّ عن سبيل اللّه وبالحرب والكفاح، فالكفر يزداد قوة واستقرارا وتمكنا بالعمل بما ينمّيه ويقويه من الأعمال التي يقاوم بها الإيمان، والإيمان كذلك.
هؤلاء لن تقبل لهم توبة لأن الشر قد تغلغل في نفوسهم وتمكن فيها الكفر فإذا أرادت التوبة وجدت من الموانع ما يحول بينها وبين قبول الحق والخير.
وظاهر الآيات يخالف ما صرّح به القرآن في غير موضع، كقوله في الآية السابقة « إِلَّا الَّذِينَ تابُوا » وقوله :« وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ ».
ولكن بالتفسير الآتي يتضح المعنى - ذاك أنه تعالى بعد أن بين حكم من كفر، وأنه أهل للعن والطرد إلا إن تاب، ذكر هنا أنه لو كفر مرة أخرى بعد تلك التوبة فإن التوبة الأولى تصير غير مقبولة حتى كانها لم تكن، ويكون المعنى في هذه الآية