ج ٣٠، ص : ١٠٤
[سورة البروج (٨٥) : الآيات ١٢ الى ١٦]
إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ (١٣) وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ (١٤) ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥) فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (١٦)
شرح المفردات
البطش : الأخذ بالعنف والشدة، يبدئ ويعيد : أي هو الذي يبدأ الخلق ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء مرة أخرى، ليجازيهم بما عملوا فى حياتهم الأولى، الغفور : أي الذي يعفو ويستر ذنوب عباده بمغفرته، الودود : أي الذي يحب أولياءه ويتودّد إليهم بالعفو عن صغير ذنوبهم، ذو العرش : أي صاحب الملك والسلطان والقدرة النافذة، المجيد : أي السامي القدر المتناهي فى الجود والكرم، تقول العرب :« فى كل شجر نار، واستمجد المرخ والعفار » : أي تناهيا فى الاحتراق حتى يقتبس منهما.
المعنى الجملي
بعد أن ذكر وعيد الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات، ووعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات. ووصف ما أعدّ لهم من الثواب كفاء أعمالهم - أردف ذلك كله بما يدل على تمام قدرته على ذلك، ليكون ذلك بمثابة توكيد لما سبق من الوعيد والوعد فالملك لا يعظم سلطانه وهيبته فى النفوس إلا بأمرين :
(١) الجود الشامل والإنعام الكامل، وبذا يرجى خيره.
(٢) الجيوش الجرارة والأساطيل العظيمة التي توقع بأعدائه وتنكل بهم، وبذلك يهاب جانبه، وإليهما معا أشار بقوله فيما سلف :« الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ » وهنا زاد الأمر إيضاحا بقوله « إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ » الآية.