ج ٣٠، ص : ١٣٩
(لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ) أي لست عليهم بمسلط تجبرهم على ما تريد، وتتعهد أحوالهم، وتكتب أعمالهم، فلم نؤت قوة الإكراه على ا لإيمان، والإلجاء إلى ما تدعوهم إليه كما قال :« أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ؟ » وقال :
« وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ ».
(إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ. فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذابَ الْأَكْبَرَ) أي إنك وإن كنت داعيا وليس لك سلطان على ما فى نفوسهم، فاللّه هو المسيطر عليهم، وصاحب السلطان على سرائرهم فمن تول منهم وأعرض عن الذكرى، وجحد الحق المعروض عليه فاللّه يعذبه العذاب الأكبر فى الآخرة وقد يضم إلى ذلك عذابا فى الدنيا من قتل أو سبى الذرية أو غنيمة للأموال، إلى نحو أولئك من صنوف البلاء التي ينزلها بهم.
ثم أكد تعذيب اللّه لمن تولى وكفر فقال :
(إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ. ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا حِسابَهُمْ) أي لا مفرّ للمعرضين، ولا خلاص لهم من الويل الذي أوعدوا به فإنهم راجعون إلينا، وقد حق القول منا فى عقابهم وسنحاسبهم على ما كسبت أيديهم.
وفى هذا تسلية لقلب رسوله، وإزالة أحزانه وآلامه، لتكذيبهم إياه، وإصرارهم على معاندته.
وصلى اللّه على محمد وآله البررة الكرام.
مقاصد هذه السورة
تضمنت هذه السورة ثلاثة مقاصد :
(١) وصف أهل الجنة ووصف أهل النار.
(٢) ذكر عجائب الصنعة الإلهية.
(٣) أمر رسوله صلى اللّه عليه وسلم بالتذكير بما أرسل إليه من الشرائع.