ج ٣٠، ص : ١٦٢
هذه هى الطريق التي كان من حق العقل أن يرشد إليها، لكن الإنسان قد خدعه غروره فلم يقتحم هذه العقبة، ولم يسلك هذه السبيل القويمة، ولم يسر فيما يرشد إليه العقل السليم.
الإيضاح
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) أي فهلا جاهد النفس والشيطان وعمل أعمال البر، وقد ضرب اللّه العقبة مثلا لهذا الجهاد، لأن الإنسان يريد أن يرقى من عالم الحس عالم الأشباح إلى عالم الأنوار والأرواح، وبينه وبين ذلك عقبات من ورائها عقبات، وسبيل الوصول إلى غايته هذه هى فعل الخيرات.
ثم فخم شأن العقبة وعظم أمرها فقال :
(وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ) أي وأىّ شىء أعلمك ما اقتحام العقبة ؟
ثم أرشد إلى أن اقتحامها يكون بفعل صنوف من الخير منها :
(١) (فَكُّ رَقَبَةٍ) أي عتق الرقبة أو الإعانة عليها، وقد ورد فى الكتاب الكريم والسنة الترغيب فى العتق والحث عليه.
روى البراء بن عازب رضى اللّه عنه قال :« جاء رجل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال يا رسول اللّه دلّنى على عمل يدخلنى الجنة، قال : عتق النسمة وفك الرقبة، قال : يا رسول اللّه أو ليسا واحدا ؟ قال لا : عتق الرقبة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين فى ثمنها ».
والكلام بتقدير مضاف : أي وما أدراك ما اقتحام العقبة، فك رقبة، لأن فك الرقبة ليس هو العقبة نفسها، وإنما هو اقتحامها لأنه سبب موصل إلى مجاوزة العقبة والوصول إلى عالم الأنوار.
(٢) (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ. يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ) أي أو إطعام يتيم من أقاربه فى أيام الجوع والعوز.