ج ٣٠، ص : ٢٣٢
ثم ذكر لهم بعض ما ينهى إليه هذا اللهو، وهو عذاب الآخرة بعد خزى الدنيا فقال :
(لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) أي إن دار العذاب التي أعدت لمن يلهو عن الحق لا ريب فيها ولترونّها بأعينكم، فاجعلوا صورة عذابها حاضرة فى أذهانكم، لتنبهكم إلى ما هو خير لكم مما تلهون به.
والمراد برؤية الجحيم ذوق عذابها، وهذا استعمال شائع فى الكتاب الكريم.
ثم كرر ذلك للتأكيد فقال :
(ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ) أي لترونها رؤية هى اليقين نفسه، إلى أي دين أو إلى أي شخص كانت نسبتكم فلتتقوا اللّه ربكم، ولتنتهوا عما يقذف بكم فيها، ولتنظروا إلى ما أنتم فيه من نعمة، ولترعوا حق اللّه فيها، فاستعملوها فيما أمر أن تستعمل فيه، ولا تجترحوا السيئات وتقترفوا المنكرات، إنكم لتمنون أنفسكم بأنكم ممن يعفو اللّه عنهم، ويزحزحهم من النار بمجرد نسبتكم إلى الدين الإسلامى وتلقيبكم بألقابه، مع مخالفتكم أحكام القرآن وعملكم عمل أعداء الإسلام.
ثم شدد عليهم وزاد فى تأنيبهم فقال :
(ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) أي إن هذا النعيم الذي تتفاخرون به وتعدونه مما يباهى بعضكم بعضا - ستسألون عنه - ماذا صنعتم به ؟ هل أديتم حق اللّه فيه.
وراعيتم حدود أحكامه فى التمتع به، فإن لم تفعلوا ذلك كان هذا النعيم غاية الشقاء فى دار البقاء.
روى عن عمر رضى اللّه عنه أنه قال :« أىّ نعيم نسأل عنه يا رسول اللّه، وقد أخرجنا من ديارنا وأموالنا ؟ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : ظلال المساكن والأشجار، والأخبية التي تقيكم الحر والبرد، والماء البارد فى اليوم الحار ».