ج ٣٠، ص : ٢٦٣
بين الناس : هو يحمل الحطب بينهم، كأنه بعمله يحرق ما بينهم من صلات.
وقيل إنها كانت تحمل حزم الشوك والحسك والسّعدان، وتنثرها بالليل فى طريق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لإيذائه.
وقد زاد سبحانه فى تبشيع عملها وتقبيح صورته فقال :
(فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) أي فى عنقها حبل مما مسد من الحبال أي أحكم فتله، وقد صوّرها اللّه بصورة من تحمل تلك الحزمة من الشوك وتربطها فى جيدها كبعض الحطّابات الممتهنات احتقارا لها، واحتقارا لبعلها، حين اختارت ذلك لنفسها.
وقصارى أمرها - إنها فى تكليف نفسها المشقة الفادحة، للإفساد بين الناس وإيقاد نيران العداوة بينهم، بمنزلة حاملة الحطب التي فى عنقها حبل خشن تشدّ به ما تحمله إلى عنقها حين تستقلّ به، وهذه أبشع صورة تظهر بها امرأة تحمل الحطب وهى على تلك الحال.
ويرى بعض العلماء أن المراد بيان حالها وهى فى نار جهنم، إذ تكون على الصورة التي كانت عليها فى الدنيا، حين كانت تحمل الشوك إيذاء لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فهى لا تزال تحمل حزمة من حطب النار، ولا يزال فى جيدها حبل من سلاسلها، ليكون جزاؤها من جنس عملها فقد روى عن سعيد بن المسيّب أنه قال :
كانت لأم جميل قلادة فاخرة فقالت : لأنفقنّها فى عداوة محمد، فأعقبها اللّه حبلا فى جيدها من مسد النار.
نسأل اللّه الوقاية من النار، والبعد من الصدّ عن دينه وكتابه، إنه هو السميع العليم.