ج ٣٠، ص : ٤٩
وهى الطامة الكبرى، ويكون نذيرها ذلك الصوت الهائل الذي يحدث من تخريب الكون ووقع بعض أجرامه على بعض، ومن ثمّ سميت صاخة وقارعة، شأن : أي شغل، يغنيه : أي يصرفه ويصده عن مساعدة ذوى قرابته، قال شاعرهم :
سيغنيك حرب بنى مالك عن الفحش والجهل فى المحفل
مسفرة : أي مضيئة مشرقة يقال : أسفر الصبح إذا أضاء، مستبشرة : أي فرحة بما نالت، والغبرة : ما يصيب الإنسان من الغبار، ترهقها : أي تغشاها، والقترة :
سواد كالدخان، والفجرة : واحدهم فاجر، وهو الخارج عن حدود اللّه المنتهك لحرماته.
المعنى الجملي
بعد أن عدد سبحانه آلاءه على عباده، وذكّرهم بإحسانه إليهم فى هذه الحياة، وبين أنه لا ينبغى للعاقل بعد كل ما رأى أن يتمرد عن طاعة صاحب هذه النعم الجسام - أعقب هذا بتفصيل بعض أحوال يوم القيامة وأهوالها التي توجب الفزع والخوف منه، ليدعوه ذلك إلى التأمل فيما مضى من الدلائل التي ترشد إلى وحدانيته وقدرته، وصحة البعث وأخبار يوم القيامة التي جاءت على ألسنة رسله، ويتزوّد بصالح الأعمال التي تكون نبراسا يضىء أمامه فى ظلمات هذا اليوم.
وذكر أن الناس حينئذ فريقان : فريق ضاحك مستبشر، فرح فرح المحب يلقى حبيبه، وهو من كان يعتقد الحق ويعمل للحق، وفريق تعلو وجهه الغبرة، وترهقه القترة، وهو الذي تمرد على اللّه ورسوله، وأعرض عن قبول ما جاءه من الحقّ، ولم يعمل بما أمر به من صالح الأعمال.
الإيضاح
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ) أي فإذا جاء يوم القيامة حين يحدث ذلك للصوت الهائل الذي يصخّ الأسماع ويصكها بشدته - فما أعظم أسف الكافرين، وما أشد ندمهم.


الصفحة التالية
Icon