ج ٤، ص : ١٩٥
فلما جاء الإسلام أقرهم على الأول والثالث دون الثاني فقال « وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ » والمراد به التوارث بالنسب وقال :
(وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) والمراد به التوارث بالعهد.
وقال (وَما جَعَلَ أَدْعِياءَكُمْ أَبْناءَكُمْ) والمراد به التوارث بالتبني.
وزاد شيئين آخرين :
(١) الهجرة، فكان المهاجر يرث من المهاجر وإن كان أجنبيا عنه إذا كان بينهما مخالطة وودّ ولا يرثه غير المهاجر وإن كان من أقاربه.
(٢) المؤاخاة - كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يؤاخى بين كل اثنين من الرجال وكان ذلك سببا للتوارث ثم نسخ التوارث بهذين السببين بقوله :« وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ » ثم استقر الأمر بعد نزول أحكام الفرائض على أن أسباب الإرث ثلاثة : النسب والنكاح والولاء.
وسبب نزول الآية ما
أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي من حديث جابر قال :« جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت : يا رسول اللّه هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك فى أحد شهيدا وإن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا تنكحان إلا ولهما مال فقال يقضى اللّه فى ذلك فنزلت آية الميراث (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ) الآية، فأرسل رسول اللّه إلى عمهما فقال : أعط بنتي سعد الثلثين وأمها الثمن وما بقي فهو لك »
قالوا وهذه أول تركة قسمت فى الإسلام.
الإيضاح
(يُوصِيكُمُ اللَّهُ) الوصية : ما تعهد به إلى غيرك من العمل كما تقول أوصيت المعلم أن يراقب آداب الصبى ويؤدبه على ما يسىء فيه، وهى فى الحقيقة أمر له بعمل ما عهد إليه له، فالمراد يأمركم اللّه ويفرض عليكم.