ج ٦، ص : ٦٦
لأن دينهم مبنى على المبالغة فى نظافة الأبدان والثياب والأمكنة، فإذا هم فعلوا ما أوجبه الدين تنتفى الأسباب التي تولد جراثيم الأمراض عند الناس.
(٣) تكريم المسلم نفسه لدى نفسه وأهله وقومه الذين يعيش معهم، إذ من كان نظيف البدن للثياب كان جديرا بحضور كل مجتمع ولقاء أشراف الناس وفضلائهم، ومن كان وسخا قذرا فإنه يكون محتقرا عند كرام الناس ولا يعدونه أهلا لأن يحضر مجالسهم ويشعر فى نفسه بالضعة والهوان.
ولأجل هذا ورد الأمر بالغسل والطيب ولبس الثياب النظيفة يوم الجمعة لأنه يوم يجتمع فيه الناس فى المساجد لعبادة اللّه تعالى،
روى مالك والشافعي وأحمد والبخاري ومسلم من طرق عدة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال « غسل الجمعة واجب على كل محتلم »
أي بالغ مكلف.
وبعد أن بين سبحانه هذه الأحكام وذكر رفع الحرج الذي تم به الإنعام ذكّرنا بنعمه التي أنعم بها علينا فقال :
(وَ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمِيثاقَهُ الَّذِي واثَقَكُمْ بِهِ إِذْ قُلْتُمْ سَمِعْنا وَأَطَعْنا) أي وتذكروا أيها المؤمنون إذ كنتم كفارا متباغضين فأصبحتم بهداية الدين إخوانا متحابين وتذكروا العهد الذي عاهدكم به حين بايعتم رسوله محمدا صلى اللّه عليه وسلم على السمع والطاعة فى المنشط والمكره (المحبوب - والمكروه) والعسر واليسر حين قلتم له سمعنا ما أمرتنا به ونهيتنا عنه، وأطعناك فيه فلا نعصيك فى معروف، وكل ما جئتنا به فهو معروف.
وكل نبى بعث فى قوم أخذ عليهم ميثاق اللّه بالسمع والطاعة وقبول الدعوة.
والدخول فى الدين يعدّ قبولا لهذا العهد، فعلينا أن نعد هذا التذكير خطابا لنا كما عده السلف من الصحابة خطابا لهم.
واتقوا اللّه فلا تنقضوا عهده وتخالفوا ما أمركم به وما نهاكم عنه سواء أ كان فى هذه الآيات أم فى غيرها.