ج ٦، ص : ٧٠
أي إن هؤلاء الكفار المكذبين سيصلون العذاب فى نار عظيمة أعدها اللّه لمن كفر وكذب بآياته، لأن نفوسهم قد فسدت، وسوء أعمالهم قد ران على قلوبهم، فأصبحوا صمّا عميا لا يبصرون.
« يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ هَمَّ قَوْمٌ أَنْ يَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ فَكَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ ».
روى من طرق عدة أن الآية نزلت فى رجل من قبيلة محارب همّ بقتل النبي صلى اللّه عليه وسلم أرسله قومه لذلك وكان بيده سيف وليس مع النبي صلى اللّه عليه وسلم سلاح وكان منفردا.
روى الحاكم من حديث جابر قال :« قام على رأس رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال : من يمنعك ؟ قال اللّه، فوقع السيف من يده فأخذه النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال : من يمنعك ؟ قال كن خير آخذ، قال تشهد أن لا إله إلا اللّه وأنى رسول اللّه قال : أعاهدك ألا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله، فجاء إلى قومه وقال جئتكم من عند خير الناس ».
وفى رواية أخرى « إن السيف الذي كان بيد الأعرابى كان سيف النبي صلى اللّه عليه وسلم علّقه فى شجرة وقت الراحة، فأخذه الرجل وجعل يهزه ويهم بقتل النبي صلى اللّه عليه وسلم، ثم سقط من يده فأخذه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال من يمنعك منى ؟ قال لا أحد، ثم صاح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بأصحابه فأخبرهم وأبى أن يعاقبه ».
وعلى هذا فالمراد تذكيرهم بنعمة اللّه عليهم بدفع الشر والمكروه عن نبيهم، فإنه لو حصل ذلك لكان من المحن الكبرى التي تصيب المسلمين.
وقيل إن المراد تذكيرهم بما أنعم اللّه عليهم من قوة الإسلام وعظمة شوكة المسلمين، فبعد أن كانوا أذلاء مغلوبين على أمرهم بدّل اللّه الحال غير الحال وأصبحوا أعزة بعد الذلة وغالبين بعد أن كانوا مقهورين، فهو سبحانه يذكر المسلمين بوقائع الاعتداء كلها